شرح امواج الجاذبية (الامواج الثقالية) التي تنبأ بها اينشتاين

شرح علمي مبسط لحدث اكتشاف امواج الجاذبية التاريخي (الامواج الثقالية) التي تنبأ بها آينشتاين

في عام 1916 قدم العالم الفيزيائي الشهير ألبرت آينشتاين مقترحا علميا يفسر فيه وجود أمواج تدعى بالامواج الثقالية ضمن نظريته التي تشرح آلية عمل الجاذبية كما يتصورها ويثبتها في نظريته الشهيرة "نظرية النسبية العامة" حيث قال آينشتاين ببساطة أن الكون (النجوم والمجرات والكواكب .... الخ) لا يسبح في فراغ عدمي (خال من المادة والطاقة وأي شيء) بل ان هذه الاشياء كلها تسبح في نسيج كوني اطلق عليه "الزمكان" أي الزمان + المكان ، وقال بأن هذا الزمكان يؤثر حتما على تموضع وحركة هذه الاجسام الكونية من خلال ظاهرة الجاذبية حيث أنه -كما نعرف- يوجد لكل جسم كوني قوة جذب تجذب الاشياء إليه .. كالأرض التي تجذب التفاحة وتجعلها تسقط على سطحها والقمر الذي يؤثر على الأرض فيجذب مياه البحار والمحيطات تواتريا مما يؤدي الى ظاهرتي المد والجزر ... الخ 

ويقدم آينشتاين تفسيرا لهذه الظاهرة (الجاذبية) فيقول بأنها ناتجة عن انثناء (انحناء) تحدثه هذه الاجسام الكونية في نسيج الزمكان تماما مثل الإنحناء الذي تحدثه كرة حديدية وضعت على قطعة قماش مبسوطة في الهواء .. كما في المثال التالي:

وعليه فقد تنبأ آينشتاين بأنه في حالة تقارب جسمين كبيرين بالقدر الكافي (ثقب اسود + نجم نيوتروني مثلا) يدوران حول بعضهما البعض بفعل الجاذبية طبعا فإنه سوف تصدر عنهما امواج (انثناءات متسلسلة في نسيج الزمكان) يمكن حسابها وفق معادلات رياضية ويمكن رصدها في شكل ذبذبات طبيعتها تختلف عن الذبذبات الكهرومغناطيسية ولها خصائص مميزة (طول موجي معين وذروات محددة .... الخ) وأسماها أمواج الجاذبية وتسمى أيضا بالأمواج الثقالية وبالفعل قام بقياسها وحسابها نظريا وفق المعادلات التي اقترحها ..
وقال بأن هذه الامواج تكون ضعيفة جدا جدا بحيث يصعب او ربما يستحيل علينا رصدها -اللهم في حالة الاجرام الضخمة كتقابل ثقبين اسودين او نجم نيوتروني مع ثقب اسود - لذلك فقد كان آينشتاين يائس من جدوى رصدها اصلا .

ولكن قام العلماء منذ سنين بمحاولت رصد هذه الامواج من خلال اجهزة وتقنيات دقيقة جدا .. فلكي تكتشف الموجات الجاذبية بهذا التأثير المتناهي الصغر، بُني مرصد - مرصد ليغو - على شكل حرف "L" كل ذراع من ذراعيه طوله أربعة كيلومترات، وهناك جهازا يطلق أشعة ليزر ينقسم إلى داخل كل ذراع، ليلتقي هذا الإشعاع في نهاية الممر بمرايا تعكس الضوء عودة إلى مستشعر، فإن لم يكن هناك تمدد وانكماش في الأذرع بسبب الجاذبية، فإن أشعة الليزر العائدة من الذراعين تلغي كل منهما الأخرى، ولكن إذا تمدد الذراعان بسبب الموجات الجاذبية فإن أشعتي الليزر تتداخلان بحيث يمكن التقاطهما، وبذلك تُكتشف الموجات.

وفي يوم الخميس 11 فيفري 2016 تم الاعلان عن اكتشاف تاريخي حيث قال العلماء أنهم استطاعوا رصد الامواج الثقالية (امواج الجاذبية) من ثقبين أسودين وأن الامواج ظهرت وانتشرت نتيجت تصادم الثقبين الذين يعدان أكبر 30 مرة من الشمس ، ويبعدان 1.3 مليار سنة ضوئية عن الأرض.

وأُعلن عن هذا الاكتشاف في مؤتمر في واشنطن ، وتحقق عبر استخدام جهازي قياس ليزر عملاقين في الولايات المتحدة، موجودين في لويزيانا وواشنطن. وجاء هذا الإعلان من قبل علماء من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وبالتعاون مع مركز رصد الأمواج الثقالية بالليزر المعروف باسم مرصد ليغو (LIGO) الذي تحدثنا عنه سابقا ..

ويسعى الباحثون في مرصد ليغو إلى تتبع الأمواج الثقالية الناتجة عن الأحداث الكونية النشيطة التي تجري الآن في الكون الفسيح كما يأملون في رصد الامواج الثقالية التي ينبغي أن تنتج عن ظاهرة الانفجار العظيم (Big Bang) وذلك سوف يكون دليلا على ثبوت وصحة هذه النظرية .

فقط للإشارة فقد استعملت احيانا في هذه المقالة كلمة "نسيج الزمكان" وهذا لأن هناك اشارة قرآنية ربما تدعم نظرية الزمكان التي تقوم عليها امواج الجاذبية هذه وهي قوله تعالى "وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ" والحبك هو النسيج او النسيج الكوني حسب ما تم شرحه في شريط وثائقي يتحدث عن هذا الموضوع والله أعلم